
دور الطب النفسي في علاج مريض العمود الفقري
لم يعد علاج أمراض العمود الفقري يعتمد فقط على الأدوية أو جلسات العلاج الطبيعي، بل أصبح الجانب النفسي جزءًا أساسيًا من رحلة الشفاء. فالكثير من
الرئيسية » العمود الفقري » دور الطب النفسي في علاج مريض العمود الفقري
المدير الإكلينيكي و مؤسس مراكز NSC
لم يعد علاج أمراض العمود الفقري يعتمد فقط على الأدوية أو جلسات العلاج الطبيعي، بل أصبح الجانب النفسي جزءًا أساسيًا من رحلة الشفاء. فالكثير من الدراسات الحديثة أثبتت أن الألم ليس مجرد إحساس جسدي، بل هو تجربة معقدة تتأثر بالحالة النفسية والعاطفية للمريض. القلق، الاكتئاب، والضغوط اليومية يمكن أن يزيدوا من شدة الألم ويطيلوا فترة التعافي.
في هذا المقال، سنتناول بالتفصيل العلاقة الوثيقة بين النفس والعمود الفقري، ودور الطب النفسي في تحسين جودة الحياة لمرضى آلام الظهر.
الارتباط بين الحالة النفسية وآلام العمود الفقري وثيق للغاية. فالتوتر والقلق المستمر يؤديان إلى شد عضلي مزمن في منطقة الظهر والرقبة، مما يسبب ألماً مستمراً حتى في غياب أي مشكلة عضوية واضحة.
كما أن الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات القلق غالباً ما يكون لديهم عتبة منخفضة لتحمل الألم، أي أنهم يشعرون بالألم بصورة أشد من غيرهم.
إضافةً إلى ذلك، تؤدي الحالة النفسية السلبية إلى سلوكيات غير صحية مثل قلة الحركة، أو الجلوس لفترات طويلة، أو النوم غير المنتظم، وكلها تساهم في تفاقم آلام العمود الفقري.
العقل والجسد يعملان بتناغم دائم، وعندما يختل هذا التوازن تتأثر جميع أجهزة الجسم، ومن بينها العمود الفقري.
فالحالة النفسية السيئة تؤدي إلى إفراز هرمونات التوتر مثل الكورتيزول والأدرينالين، والتي تسبب انقباضاً في العضلات المحيطة بالعمود الفقري، وتقلل تدفق الدم والأكسجين إليها.
ومع الوقت، تتراكم هذه التشنجات لتتحول إلى آلام مزمنة وصعوبة في الحركة. لذلك نجد أن المرضى الذين يعيشون تحت ضغط نفسي دائم يعانون من آلام الظهر أكثر من غيرهم، حتى لو لم يكن لديهم سبب عضوي واضح.
الضغط النفسي المزمن لا يؤثر فقط على العضلات، بل يمكن أن يؤدي إلى تغيرات في فقرات الظهر نفسها. فالإجهاد المستمر يؤدي إلى إفراز مواد التهابية داخل الجسم، تضعف الأنسجة الداعمة للعمود الفقري.
كما أن القلق والضغوط العاطفية تجعل الجسم في حالة “استنفار دائم”، مما يزيد من توتر العضلات حول الفقرات، ويضغط على الأعصاب الخارجة منها، فيسبب آلاماً تمتد إلى الأطراف السفلية أو العلوية.
وهنا يصبح الألم الجسدي والنفسي دائرة مغلقة يصعب كسرها دون تدخل نفسي متخصص.
عندما يستمر التوتر لفترة طويلة، يبدأ الجهاز العصبي في “تعويد” الجسم على الألم، فيتحول من ألم مؤقت إلى ألم مزمن. هذا ما يعرف بـ”تحسُّس الجهاز العصبي المركزي”، حيث يصبح الدماغ أكثر استجابة للمثيرات المؤلمة.
كما أن الأشخاص المتوترين يميلون إلى التركيز المفرط على الألم، فيشعرون به بشكل أكبر. وهنا يأتي دور العلاج النفسي لتعليم المريض كيفية التعامل مع الألم دون تضخيمه، وإعادة تدريب الدماغ على الاستجابة الطبيعية للمثيرات الجسدية.
الآلام المزمنة التي تستمر لأشهر أو سنوات يمكن أن تؤدي إلى الاكتئاب، خاصة إذا شعر المريض بالعجز عن أداء مهامه اليومية. يبدأ الأمر بشعور بالإحباط، ثم فقدان الرغبة في الحركة، واضطراب النوم، وانخفاض الثقة بالنفس.
وفي بعض الحالات، يتحول الألم النفسي إلى ألم جسدي متزايد، مما يجعل الحالة أكثر سوءاً. لذلك من الضروري أن يخضع المريض لتقييم نفسي شامل، لأن علاج الاكتئاب في هذه الحالات ينعكس مباشرة على تحسن الألم واستعادة النشاط.
العلاج النفسي أصبح ركيزة أساسية في برامج علاج العمود الفقري الحديثة. من أبرز أنواعه العلاج السلوكي المعرفي (CBT)، الذي يساعد المريض على فهم العلاقة بين أفكاره ومشاعره وسلوكه تجاه الألم.
يعمل المعالج النفسي على تعليم المريض استراتيجيات التحكم في الألم، مثل تقنيات التنفس العميق، وتمارين الاسترخاء، والتعامل الإيجابي مع الأعراض. كما يمكن استخدام العلاج الجماعي لتشجيع المرضى على تبادل الخبرات والدعم المتبادل.
العلاج السلوكي يساعد المريض على كسر حلقة الألم النفسي والجسدي. فهو لا يهدف فقط إلى تخفيف الألم، بل إلى تغيير نظرة المريض له.
عندما يتعلم المريض أن الألم ليس نهاية المطاف، وأن التحكم في المشاعر والأفكار يمكن أن يقلل الإحساس بالألم، يصبح أكثر التزامًا بالعلاج الفيزيائي والدوائي، مما يسرّع الشفاء ويمنع الانتكاس.
الدعم النفسي من الأسرة والأصدقاء والطبيب يلعب دوراً حاسماً في نجاح العلاج. فالمريض الذي يشعر بأنه محاط بالتفهم والمساندة يكون أكثر قدرة على تحمل الألم والتفاعل مع خطة العلاج.
كما أن الجلسات النفسية الفردية أو الجماعية تعزز الشعور بالأمل والثقة بالنفس، وتمنع العزلة الاجتماعية التي تزيد من شدة الألم.
النهج الحديث في علاج أمراض العمود الفقري يقوم على التكامل بين الجسد والعقل. فلا يمكن تحقيق الشفاء الكامل دون التعامل مع الجانبين معاً.
الطبيب النفسي، وطبيب العظام، وأخصائي العلاج الطبيعي يعملون كفريق واحد لوضع خطة علاج شاملة، تشمل الأدوية، والتمارين، والعلاج النفسي، لضمان أفضل النتائج وتقليل الانتكاسات.
ممارسة تمارين التنفس العميق والاسترخاء يوميًا.
الحفاظ على نمط نوم منتظم وجودة راحة كافية.
الابتعاد عن القلق والتفكير الزائد قدر الإمكان.
المشي اليومي وتحريك الجسم لتحسين الدورة الدموية.
التحدث مع مختص نفسي عند الشعور بالإحباط أو الخوف.
الاهتمام بالعلاقات الاجتماعية وعدم العزلة.
تدوين المشاعر أو ممارسة التأمل لتفريغ التوتر النفسي.
إن علاج العمود الفقري لا يكتمل دون الاهتمام بالعقل والنفس. فالألم الجسدي كثيرًا ما يكون صدى لمعاناة داخلية، والعلاج النفسي هو المفتاح لاستعادة التوازن بين الجسد والروح.
عندما يجتمع العلاج الطبي والفيزيائي مع الدعم النفسي والسلوكي، تتحول رحلة العلاج من معاناة إلى طريق نحو الشفاء الحقيقي، حيث يجد المريض الراحة في جسده وطمأنينة في نفسه.

لم يعد علاج أمراض العمود الفقري يعتمد فقط على الأدوية أو جلسات العلاج الطبيعي، بل أصبح الجانب النفسي جزءًا أساسيًا من رحلة الشفاء. فالكثير من

الموجات التصادمية تُعَدّ آلام العمود الفقري من أكثر المشكلات الصحية شيوعًا في العالم، حيث يعاني منها الملايين نتيجة الجلوس الخاطئ أو الإجهاد المستمر أو ضعف

مقدمة عن التمارين الرياضية وصحة العمود الفقري العمود الفقري هو الدعامة الأساسية لجسم الإنسان، فهو المسؤول عن استقامة الجسد وحركته اليومية، ولكن مع ضغوط الحياة
