الموجات التصادمية و دورها في علاج مريض العمود الفقري

Picture of الدكتور هشام أبورحمة

الدكتور هشام أبورحمة

المدير الإكلينيكي و مؤسس مراكز NSC

المحتوي

الموجات التصادمية

تُعَدّ آلام العمود الفقري من أكثر المشكلات الصحية شيوعًا في العالم، حيث يعاني منها الملايين نتيجة الجلوس الخاطئ أو الإجهاد المستمر أو ضعف عضلات الظهر.

ومع التطور الطبي الهائل في السنوات الأخيرة، برزت الموجات التصادمية كأحد أهم التقنيات الحديثة في علاج أمراض العضلات والعظام والعمود الفقري دون الحاجة إلى تدخل جراحي. 

هذه التقنية غير المؤلمة أثبتت فعالية كبيرة في تخفيف الألم وتحفيز شفاء الأنسجة، مما جعلها خيارًا مثاليًا للعديد من المرضى الباحثين عن حلول آمنة وسريعة لاستعادة راحتهم وحركتهم الطبيعية.

آلام العمود الفقري وانتشارها

آلام العمود الفقري تُعدّ من أكثر الأسباب التي تدفع المرضى لزيارة عيادات العلاج الطبيعي والعظام، إذ يمكن أن تصيب الفقرات القطنية أو العنقية أو الظهرية.

ومن أهم الأسباب الشائعة:

الجلوس لفترات طويلة في أوضاع غير صحية.

ضعف عضلات الظهر والبطن.

الانزلاق الغضروفي وضغط الأعصاب.

خشونة الفقرات أو التهابات المفاصل.

نقص النشاط البدني وزيادة الوزن.

هذه العوامل قد تؤدي إلى ألم مزمن يؤثر سلبًا على جودة الحياة ويعيق الحركة، لذا كان لا بد من حلول علاجية فعّالة مثل الموجات التصادمية.

الموجات التصادمية

الموجات التصادمية (Shockwave Therapy) هي تقنية علاجية غير جراحية تعتمد على إرسال موجات صوتية عالية الطاقة إلى المنطقة المصابة من الجسم.

تعمل هذه الموجات على تحفيز الدورة الدموية وتنشيط الخلايا المسؤولة عن إصلاح الأنسجة المتضررة، مما يساهم في تسكين الألم وتحفيز التعافي الطبيعي.

وقد تم تطوير هذه التقنية في البداية لعلاج حصوات الكلى، ثم توسع استخدامها لتشمل مجالات العظام والعمود الفقري والعلاج الطبيعي.

آلية عمل الموجات التصادمية في الجسم

عند توجيه الموجات التصادمية إلى منطقة الألم، تخترق الموجات الأنسجة بعمق وتُحدث تأثيرًا ميكانيكيًا يحفّز الجسم على إطلاق مواد طبيعية مثل الكولاجين والإنزيمات المسؤولة عن ترميم الأنسجة.

كما تساعد هذه الموجات على:

1- تحسين تدفق الدم إلى المنطقة المصابة.

2- تقليل الالتهاب والتورم.

3- تفتيت التكلسات إن وُجدت.

4- تحفيز نمو خلايا جديدة لتسريع الشفاء.

بفضل هذه الآلية، تعتبر الموجات التصادمية علاجًا فعّالًا لمشكلات العمود الفقري المزمنة دون آثار جانبية تُذكر.

الموجات التصادمية للعلاج الطبيعي

أصبحت الموجات التصادمية جزءًا أساسيًا في برامج العلاج الطبيعي الحديثة، حيث تُستخدم لعلاج العضلات المشدودة، وآلام الأوتار، والتهابات المفاصل، وتيبّس الفقرات.

يُفضلها الأطباء والمعالجون الفيزيائيون لأنها لا تحتاج إلى تخدير أو تدخل جراحي، ويمكن استخدامها إلى جانب التمارين العلاجية والتقنيات اليدوية لتحقيق نتائج أسرع وأكثر ديمومة.

علاج العمود الفقري بالموجات التصادمية

في حالات آلام العمود الفقري، تُستخدم الموجات التصادمية لتخفيف التوتر العضلي حول الفقرات، وتحسين مرونة الأربطة، وتقليل الألم الناتج عن التهابات الأعصاب أو المفاصل الصغيرة.

ويقوم الطبيب بتوجيه جهاز الموجات إلى النقاط المحددة المسببة للألم، مما يساعد في تحفيز الشفاء الطبيعي وتقليل الحاجة إلى المسكنات أو التدخل الجراحي.

استخدام الموجات التصادمية لعلاج الغضاريف

في حالات الانزلاق الغضروفي أو تآكل الغضاريف، تُساعد الموجات التصادمية على تحسين تغذية الغضروف وتنشيط الدورة الدموية في المنطقة المحيطة، ما يخفف الضغط على الأعصاب ويُقلل من الالتهاب.

كما أنها تُسهم في تقليل الألم الناتج عن التشنجات العضلية المصاحبة، وتُساعد المريض على استعادة مرونته بشكل تدريجي وآمن.

علاج الألم المزمن بالموجات التصادمية

من أبرز استخدامات الموجات التصادمية علاج الألم المزمن في العمود الفقري والعضلات.

فهي تعمل على تعطيل إشارات الألم الصادرة من الأعصاب، وتحفيز إفراز مواد طبيعية في الجسم مثل الإندورفين الذي يخفف الألم بشكل مستمر.

وبذلك تعتبر خيارًا مثاليًا لمن يعانون من آلام مزمنة لا تستجيب للعلاج الدوائي.

فوائد الموجات التصادمية للظهر

تتميز الموجات التصادمية بعدة فوائد تجعلها من أكثر التقنيات فاعلية في علاج الظهر، منها:

تخفيف الألم المزمن والحد من الالتهاب.

تنشيط الدورة الدموية وتسريع التئام الأنسجة.

زيادة مرونة العضلات والمفاصل.

تقليل التشنجات العضلية وتحسين الحركة.

علاج غير جراحي وآمن دون آثار جانبية تُذكر.

جلسات الموجات التصادمية للعمود الفقري

يتم إجراء جلسات الموجات التصادمية داخل عيادة العلاج الطبيعي دون حاجة إلى تخدير.

تستغرق الجلسة الواحدة من 15 إلى 30 دقيقة، حسب الحالة.

ويُوصى عادة بسلسلة من الجلسات (تحدد حسب شدة الألم واستجابة المريض).

خلال الجلسة، يشعر المريض بنبضات خفيفة على الجلد، لكنها غير مؤلمة، ومع الوقت يبدأ الألم في التراجع تدريجيًا.

من هم المرشحون للعلاج بالموجات التصادمية؟

يُعتبر هذا العلاج مناسبًا للحالات التالية:

آلام أسفل الظهر المزمنة.

الانزلاق الغضروفي البسيط أو المتوسط.

تيبّس الفقرات أو التهابات المفاصل الصغيرة.

التهاب العضلات المحيطة بالعمود الفقري.

من لا يستطيعون الخضوع لجراحة أو لا يرغبون بها.

أما في حالات الكسور أو الأورام أو الالتهابات الحادة، فيُفضّل استشارة الطبيب قبل استخدام هذه التقنية.

الفرق بين الموجات التصادمية والعلاج الجراحي

الاختلاف بين الموجات التصادمية والجراحة كبير من حيث الأسلوب والنتائج:

1- الموجات التصادمية علاج غير جراحي لا يتطلب تخديرًا أو فترة نقاهة.

2- الجراحة تحتاج إلى فتح، وتخدير كلي، ونقاهة طويلة نسبيًا.

3- الموجات التصادمية تُحفّز الشفاء الطبيعي للجسم، بينما الجراحة تُعالج المشكلة ميكانيكيًا.

4- نسبة الأمان في العلاج بالموجات التصادمية أعلى بكثير، مع إمكانية تكرار الجلسات عند الحاجة.

أحدث طرق علاج العمود الفقري

شهدت السنوات الأخيرة تطورًا ملحوظًا في تقنيات الموجات التصادمية، مثل:

الأجهزة المتقدمة التي تسمح بالتحكم في عمق وشدة الموجات بدقة.

الدمج بين الموجات التصادمية والعلاج بالتردد الحراري أو الليزر منخفض الطاقة لنتائج أسرع.

بروتوكولات علاجية مخصصة حسب نوع الألم وسببه.

هذه التطورات جعلت العلاج أكثر فاعلية ودقة وأمانًا من أي وقت مضى.

تكلفة علاج الموجات التصادمية

تختلف تكلفة العلاج بالموجات التصادمية بناءً على عدة عوامل، مثل شدة الحالة وعدد الجلسات المطلوبة وخبرة الطبيب ونوع الجهاز المستخدم.

لكنها بشكل عام تُعتبر من الحلول الاقتصادية والفعّالة مقارنة بالعمليات الجراحية أو العلاجات طويلة المدى.

نصائح بعد جلسات الموجات التصادمية للحفاظ على النتائج

لضمان استمرار النتائج بعد العلاج بالموجات التصادمية، يُنصح باتباع النصائح التالية:

الالتزام ببرنامج العلاج الطبيعي الموصى به.

ممارسة تمارين تقوية عضلات الظهر والبطن.

الحفاظ على وزن صحي لتقليل الضغط على الفقرات.

تجنّب الجلوس أو الوقوف لفترات طويلة في وضع ثابت.

المتابعة الدورية مع الطبيب لمراقبة تحسّن الحالة.

في الختام، يمكن القول إن الموجات التصادمية تمثل نقلة نوعية في علاج أمراض العمود الفقري، إذ تجمع بين الأمان، الفعالية، والراحة للمريض. فهي تمنح فرصة حقيقية للتخلص من الألم واستعادة النشاط دون جراحة أو أدوية لفترات طويلة. 

ومع استمرار التطور في هذا المجال، ستظل الموجات التصادمية من أبرز وأفضل الخيارات العلاجية الحديثة التي تُعيد للمرضى جودة حياتهم وحركتهم الطبيعية.